.مقالات حسن احمد خليل

كتب حسن احمد خليل، انه عالم مجنون

انه عالم مجنون

انه عالم محكوم بمبدأ القوة، وعقدة فائض القوة.
لا فرق بين علة الثقة بفائض القوة عند فرد او دولة.
مكابرة، ورفض الإعتراف بظهور قوى اخرى، بل وقتال لمنعها.
الدول للتذكير يحكمها أفراد، لا ماكينات.
هناك من يتوقع افول نفوذ الغرب، وكأنه حضارة لها نشأتها ونهايتها. وهناك من كتب ان النظام الغربي النيوليبرالي هو نهاية التاريخ.
لا يمكن مقارنة الواقع اليوم، والركن إلى تطور الحضارات تاريخيا، عندما كان لولادة وأفول القوى والحضارات، زمن وعمر، كما للبشر.
العالم اليوم لا يعيش زمن حضارة ما. العولمة قضت على تميز الحضارات، وانتشرت التكنولوجيا الموحدة، لتوحد الأنماط الحياتية.
لكن القوى الكبرى ما زالت في حالة إنكار، آخذة العالم كله الى تهديد وجودي.
بات الجميع يتحضر للتسوية الكبرى، أو للمعركة الكبرى.

من هذه القوى المهيمنة، والمتصارعة، والتي صراعاتها تمثل تهديدا وجوديا للكرة الأرضية؟

~الحلف الأنجلوسكسوني.
قوة تؤمن بعودة المسيح، وبالأرمجادون، وبحور من الدم حينها. بعدها يعم السلام والعدالة، بعد دخول العالم كله في الدين الصحيح.
حليفتها أوروبا، القارة العجوز المنهكة، والتي إستعمرت الكرة الأرضية لقرون. أوروبا التائهة بين علمانيتها، وكنائسها الغربية والشرقية، والغارقة في عقدة تفوق العرق الأبيض، متناسية، او متجاهلة الأعراق المستوردة، أو المهاجرة إليها.
حرب اوكرانيا أظهرت العنصرية البشعة بوضوح.

~ إسرائيل والصهيونية في العالم.
قوة تؤمن بعدم ظهور المسيح حتى اليوم. يوم ظهوره ينتهي العالم. إلى حينه، يؤمنون بعمق أن الله اصطفاهم شعبه المختار، وأنهم النخبة التي من واجب العامة أن تخدمهم. والاستيطان حق مشروع لهم، في اميركا الشمالية والجنوبية واستراليا وافريقيا وفلسطين، واينما حلوا.
حليفهم الاساسي هو المسيحية الانجلوسكسونية، أتباع نظرية الارمجادون، والعرق الأبيض.

~ إيران والشيعة الاثني عشرية.
قوة تؤمن بصراع إنساني وجودي، بين الخير والشر، وتقاتل حتى ظهور الإمام المهدي، الإمام الثاني عشر.
بنظرهم، كل الوقائع والتضحيات ثانوية إلى حينها، لأن العدالة الإلهية ستهيمن بعد الظهور.
فعليا العقيدة الإيرانية ترتبط الى حد ما بجذور تاريخية للفلسفة الإنسانية، تعود إلى ما قبل التشيع والإسلام.
إيران التي لم تنضم علنيا للنادي النووي، تتحكم بباب المندب ومضيق هرمز، وصواريخ عابرة تصل إلى شرايين الحياة للكرة الأرضية.

~ روسيا. قوة انتفضت مؤخرا، بعد تفكك الإتحاد السوفياتي، ونهب ثرواته، حسب تقييمها، ولجأت إلى إحياء مفهوم الأمة الروسية، والعودة الى جذور الكنيسة الأرثوذكسية، لمواجهة الخطر الوجودي عليها بنظرها، بعد محاصرتها غربيا من الزوايا الاوروبية. وتخوض اليوم معركتها الوجودية.
رفضها الغرب البروتستانتي الانغلوسكسوني الكاثوليكي، رفضا قاطعا، وأعتبرها متمردة يسارية، أو شرقية اورثوذكسية. وهذا ما يفسر دوما هشاشة عضوية اليونان وقبرص والمجر في الإتحاد الأوروبي, وصعوبة دخول صربيا.

~ الصين.
قوة في الشرق الأقصى وبحر الصين، تتحضر لمعركتها المفروضة عليها، نتيجة نموها وإزدهارها، ليصبح حجم إقتصادها الأول عالميا.
ظهر ذلك جليا في آخر مقابلة لباراك اوباما( Obama Doctrine)، وقالها علنا، ثم رددها الجميع.
عندها عقدة تاريخية عنوانها مئة سنة من الاستعباد الغربي وحرب الافيون، ومما فعله الأبيض لها في القرن التاسع عشر.
حليفتها العلنية كوريا الشمالية، بينما كوريا الجنوبية واليابان وباقي دول الشرق الأقصى تائهين بين الحماية الغربية، وعرقهم الأصفر.

~ قوى أخرى متفرقة مثل الهند وباكستان وإندونيسيا والبرازيل. وطبعا تركيا، الغير مقتنعة بافول الإمبراطورية العثمانية. عضو مزعج في حلف الناتو الذي لا يستسيغها، ويمارس عنصرية ضدها.
هذه القوى، مجتمعة ومتفرقة، تراقب بقلق وخوف مزدوجان، نتائج الصراعات الوجودية. حماية وجودها متعلق بمن يربح في الصراع الكوني.
هذا إذا لم يخسر الجميع..

لماذا قد يخسر الجميع؟
لأن العديد من هذه القوى لديها أزرارا نووية.

إنه عالم مجنون بشع عنصري شرير.
يظن المرء أن هذا العالم يحكمه عقلاء. فيكتشف أنه محكوم من نرجسيين، تسيطر عليهم الفوقية، أو أيدولوجيات مختلفة.. او متخلفة..
في زمن النانوتكنولوجي، والتطور العلمي، تصدم ان بعض قادة العالم يتحكمهم الغرور والجهل.

من كان ليتصور أنه بعد كل هذا التطور العلمي، يبقى الإنسان أسير حكم التعصب الديني، والجهل والعنصرية والأنانية والمنافسة الهدامة، الذين يهددون مجتمعين، الوجود البشري.

لا بديل عن ضبط النفس، وأن يشعر الجميع انهم رابحون، او أقله لا خاسرون. وإلا حتى التاريخ قد ينتهي، وقد لا يكون هناك من يكتب أن الجنس البشري قضى على نفسه.

حسن أحمد خليل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى